التنين.. أسطورة تلازم حياة الصينيين
للتنين مكانة في حياة الصينيين.. حيث يرتبطون به ارتباطاً وثيقاً منذ قديم الأزل.. ففي كل مرة تعرض فيه حفلات راقصة او استعراض ما في الحدائق العامة لابد وان يكون للتنين حضوره المميز حيث يرتدي عدد من الاشخاص لباس التنين ويقفزون في حركات مثيرة ومدهشة.
ما وي جيان ترى (36) عاماً، تقدس التنين وتعتقد أن الصينيين هم أبناؤه ومنهم امبراطور الصين الذي ترى أنه الزعيم الأوحد في الأرض.
وفيما يؤكد جونق نان وهو باحث في التاريخ الصيني ان التنين يرمز الى الاخلاق والفضيلة ومساعدة الاخرين ولا يرمز الى الشر والعداء لذا فهو حاضر في حياة الصينين - حسب اعتقاداتهم -.
في حين يرى آخر ان التنين يرمز الى الصين وهو المصطلح الذي يستخدمه الكثير في القول التنين الصيني.
وحياة الصينين مرتبطة بالتنين فكثير منهم يعتبرونه أباً لهم، ويحترمونه لاسيما وأن جزءاً من الشعب الصيني يرى أنه جاء من سلالة التنين!
ويقول الباحث لي شن يي ان التنين هو رمز القوة وأضاف ان معنى أسطورة التنين هو معنى خفي فعندما يستحيل الربيع وتسكن الرياح ويتأخر المطر تظهر مثل هذه الحيوانات في حياة الناس والتي دائماً لها مغزى في حياتهم مثل العنقاء والتنين والسلحفاء ووحيد القرن وفي كثير من الأحيان ترمز للقوة والمنعة والآن يستخدم هذا التنين للدلالة على الملك القديم وللزخرفة في المنازل والأماكن العامة، ويقال ان أول ملك تنين موجود في متحف في خونان وهو طويل جداً يحمل ألواناً مختلفة يشبه السحلية وكان سريعاً كالبرق يتحرك مثل السمكة في الماء وفي قوته كالصاروخ وكثير من الصفات التي جعلت منه رمزاً للقوة!
وفي قصور الأباطرة الصينيين في المدينة المحرمة في مساحة بلغت 720 ألف متر مربع امتدت القصور والمباني الراقية داخل هذه المدينة بأجنحتها العديدة والمتميزة بزخارف لحيوان خرافي عرف بالتنين استخدمته الأسر الحاكمة رمزا للملك وهو يتوسط كل الرسوم.. ويعتبر هذا التنين تجميعا لأعضاء الحيوانات المفترسة ليكون رمزا للقوة والجبروت والسلطان!. وشكلت هذه الرسومات المتكررة مادة رئيسة للتعبير عن ثقافة وفن تلك الحقبة من تاريخ الصين.
فالتنين هذا الكائن الخرافي الذي تعود جذور ولادته إلى أساطير قديمة جدا ان كان يثير الرعب في الغرب فهو لا يحمل الدلالات نفسها في الصين. انه يجسد روح الصين وفلسفتها ونظرتها إلى الحياة وعليه فإن فهم رمزيته يساهم في فهم الذهنية الصينية التي تقوم على فلسفة الوئام وليس الخصام.
يعود تاريخ ولادة التنين الرمز إلى ولادة الصين نفسها، هذه الحضارة المعمّرة والأقدم في العالم التي لم تنقرض شأن غيرها من الحضارات
ويقول علماء الأنتروبولوجيا في الصين إن التنين هذا الكائن الخرافي ليس إلا عملية تسوية تاريخية لتوحيد أجزاء كبيرة من البلاد حيث كانت كل عائلة حاكمة تتخذ لها ولشعبها رمزاً كالافعى والنسر والنمر وغيره وقد قدر لأحدهم ان يوحد هذه الاجزاء تحت ممكلة واحدة دون المساس برموزهم او تغليب رمز احد على الاخر فكان ان اخترع هذا الكائن الخرافي الذي يمثل في شكله وصفاته وقوته جميع الحيوانات في تلك الحقبة التي تستخدم لرموز.
والمتأمل رسومات التنين يدرك أن أعضاءه مأخوذة من عدة حيوانات. فالتنين الراهن له قرون غزال وجلد أفعى ومخالب نسر وقوة نمر وسرعته وغيره، والتنين لا يرمز إلى الأمة الصينية فقط وإنما إلى روحها ووحدتها القائمة على التعددية المتناغمة.
وتسعى الصين حاليا إلى فصل سيرة حياة التنين الصيني عن مثيلاتها الغربية، والتي ترمز إلى الرذيلة بخلاف ما ترمز اليه التنانين الصينية. فالتنين الغربي يرمز إلى الهيمنة والسيطرة والاقتحام وعليه فإن تحرير التنين الصيني من معناه الغربي يعيده إلى طبيعته الصينية المسالمة الموحدة التي تنشد التناغم. والسلام بين الشعوب.
ان الصين تعتبر نفسها الان تتحرك كالتنين الذي لديه مرونه في عضلاته تمكنه من التحرك في كل الاتجاهات كما ان لديه المقدرة على التعايش في كل بقعة.
فقبل 7000 آلاف سنة أي في العصر الحجري كان الصينيون يقدسون التنين وما زال الصينيون إلى الآن يصورون كل شيء جميل في حياتهم بانه على علاقة بذلك التنين فمنذ آلاف السنين وحتى الآن ما زال التنين يخترق كل شيء في حياة الصينيين فأصبح جزء من الثقافة الملتصقة بحياتهم حتى أصبح رمزاً للصين بصفته رمزاً للإمبراطور الأصفر.
(( منقـــــووول ))
